![]() |
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” الأصل أن دم الآدمي
معصومٌ، لا يُقتَل إلا بالحق، وليس القتل للكفر من الأمر الذي اتفقت عليه الشرائع،
ولا أوقات الشريعة الواحدة، كالقتل قوداً، فإنه مما لا تختلف فيه الشرائع ولا
العقول “(1). وقال:
” إن القتال إنما شُرع للضرورة، ولو أن الناس آمنوا بالبرهان والآيات، لما احتيج
إلى القتال؛ فبيان آيات الإسلام وبراهينه واجب مطلقاً وجوباً أصلياً، وأما الجهاد
فمشروعٌ للضرورة “(2).ولشيخ الإسلام
ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قاعدة نفيسة في قتال الكفار، ومهادنتهم، وتحريم قتلهم
لمجرد كفرهم، وهي مطبوعة، ننصح بالرجوع إليها، لمن
أراد تفصيل هذه المسألة، وتحقيق القول فيها(3
وقد يتساءل القارئ: هل لهذه العقيدة الشاذّة،
والفئة الضالة، بُعْدٌ تاريخي، أو امتدادٌ مذهبي؟
فنجيبه: أي نعم! لـ(لكل قوم وارث)، وسلفُ هؤلاء النابتة؛ هم الخوارج، وهو فكرٌ ضاربٌ بطوله وعرضه في جسم التاريخ الإسلامي، أحدثَهُ (مِشْرطُ) عبد الله بن سبأ اليهودي، أو فقُلْ: تمخّض عن الفتنة التي استطاع تحريكها بأدواته من: الأوباش؛ السفلة؛ الرعاع، ضد الخليفة الراشد: عثمان بن عفان رضي الله عنه، بمزاعم مُختَلَقة؛ مُلفّقَة، حتى انتهى الأمر بعد ذلك بمقتله، فكان لهذا الحدث الجلل تداعياته السلبية، ونتائجه الكارثية: دينياً، وسياسياً، واجتماعياً، بما يحقق مطامع الأعداء، والشعوبية الحاقدة، وهنا برزت على إثر تلك الفاجعة؛ ما يُعرف بـ( التلويح بقميص عثمان رضي الله عنه )، والمطالبة بدمه، الذي وجد فيه سُعاة الفتنة مُبتغاهم وفرصتهم الملائمة، لإذكاء أوار الفتنة، وإيقاد فتيل الحرب الضروس، وتكدير الأجواء، وضرب يد الوحدة، والالتفاف حول الدين، المتمثل في الرمز الذي يحفظ -بإذن الله- كيانه، ويحول دون تقويض بنيانه، وهو (السلطان، والخليفة، والحاكم)، لكن جرت الأحداث بين عسكر علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- على النحو الذي خططت له بعض العناصر المدسوسة، واختلط صوت الحق بصوت الباطل، ودُفع الفريقان إلى القتال دفعاً، والتقى العسكران؛ كلٌّ يريد الحقّ، ويجتهد في تحصيله، وحاشاهم أن يُظن بهم خلاف ذلك؛ فهم -رضي الله عنهم- مابين الأجر والأجريْن، بلا امتراءً ولا ميْن، لكن إرادة الله نافذة، فلا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، وله في ذلك الحكمة البالغة،
فنجيبه: أي نعم! لـ(لكل قوم وارث)، وسلفُ هؤلاء النابتة؛ هم الخوارج، وهو فكرٌ ضاربٌ بطوله وعرضه في جسم التاريخ الإسلامي، أحدثَهُ (مِشْرطُ) عبد الله بن سبأ اليهودي، أو فقُلْ: تمخّض عن الفتنة التي استطاع تحريكها بأدواته من: الأوباش؛ السفلة؛ الرعاع، ضد الخليفة الراشد: عثمان بن عفان رضي الله عنه، بمزاعم مُختَلَقة؛ مُلفّقَة، حتى انتهى الأمر بعد ذلك بمقتله، فكان لهذا الحدث الجلل تداعياته السلبية، ونتائجه الكارثية: دينياً، وسياسياً، واجتماعياً، بما يحقق مطامع الأعداء، والشعوبية الحاقدة، وهنا برزت على إثر تلك الفاجعة؛ ما يُعرف بـ( التلويح بقميص عثمان رضي الله عنه )، والمطالبة بدمه، الذي وجد فيه سُعاة الفتنة مُبتغاهم وفرصتهم الملائمة، لإذكاء أوار الفتنة، وإيقاد فتيل الحرب الضروس، وتكدير الأجواء، وضرب يد الوحدة، والالتفاف حول الدين، المتمثل في الرمز الذي يحفظ -بإذن الله- كيانه، ويحول دون تقويض بنيانه، وهو (السلطان، والخليفة، والحاكم)، لكن جرت الأحداث بين عسكر علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- على النحو الذي خططت له بعض العناصر المدسوسة، واختلط صوت الحق بصوت الباطل، ودُفع الفريقان إلى القتال دفعاً، والتقى العسكران؛ كلٌّ يريد الحقّ، ويجتهد في تحصيله، وحاشاهم أن يُظن بهم خلاف ذلك؛ فهم -رضي الله عنهم- مابين الأجر والأجريْن، بلا امتراءً ولا ميْن، لكن إرادة الله نافذة، فلا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، وله في ذلك الحكمة البالغة،
فهي:( فتنة
قد عصم الله منها سيوفنا، فلنعْصِم منها ألسنتنا)، كما قال الإمام الشافعي – رحمه
الله -.
وحينما التقى فريقُ علي بن أبي طالب، و فريق معاوية -رضي الله عنهما- يوم (صفين)، واتفقوا على التحكيم، في شهر رمضان عام (37هـ)، أنكر بعض من كان في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمر التحكيم، وبالغوا في الإنكار، وقالوا له: حكّمتَ الرجالَ في كتاب الله؛ لا حُكْمَ إلا لله، ثم صرّحوا بكفره(4).
فهؤلاء المذكورون قد خرجوا على عليّ بن أبي طالب، وهو إمامٌ قد بايعه أهل الحل والعقد، وكفّروه، بل بلغ الأمر بهم إلى تكفير عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأصحاب الجمل، ومعاوية، وأصحابه، وكل من رضي بالتحكيم؛ فكانت هذه (العناصر الغاضبة) هي أول من أظهر في الأُمّة: التكفير بغير حقّ، حتى غدا شعاراً لهم، وسِمةً، ودثاراً، عُرفوا به على مرّ العصور الإسلامية.
ثم إن تلك العناصر الغوغائية، الانفصالية، انحازوا بعد رجوع علي رضي الله عنه، من (صفّين)، إلى منطقة في العراق يقال لها: (حروراء)، وتجمعوا هنالك، وكانوا نحو (12،000) على ما قيل، ولم يكن الخيار العسكري، لعليّ رضي الله عنه- رغم كل ما حدث-: هو الحلّ الأوحد لإرجاعهم إلى صوابهم ورُشدهم، فسعى لإقناعهم عن طريق المناظرة، وإقامة الحجة، وقطْع الأعذار؛ فأرسل إليهم ابن عباس رضي الله عنه، فبلجهم، وأفحمهم، حتى رجع نصفهم، وأغار من بقي منهم على ماشية الناس، واستحلوا دماءهم، وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرتّ، ثم دخلوا منـزله، وقتلوا ولده، وجاريته: أم ولده، ثم عسكروا بالنهروان، فسار إليهم عليٌّ رضي الله عنه، في (4،000)، من أصحابه، فلما قرب منهم أرسل إليهم: أنْ سلِّموا قاتل عبد الله بن خبّاب، فأرسلوا إليه: إنّا كلنا قَتَلَه، فقاتلهم عليٌّ رضي الله عنه، وقتلهم جميعاً، ولم يفلت منهم إلا تسعة(5).
و هنا وقفة مع قول باطل يروّجه المستشرقون والمتأثرون بهم، وهو: أن (الخوارج) كانوا يمثّلون (الجناح الديمقراطي في الإسلام)(6)، باعتبار أنهم يرون الخلافة من حقّ كل مسلمٍ، ما دام كفؤاً لذلك! وهذا في الحقيقة: استجهالٌ للتاريخ، وتجاوز للأحداث؛ لأن الديمقراطية على عُجرها وبُجرها، ترفض مبدأ الاستبداد، وحتمية فرض الأفكار بالحديد والنار، وليس مجرد مطالبة الخوارج بأحقية الخلافة لكل مسلم، يزيل الصورة البشعة عن انتهاكاتهم، ويمسح عنهم وصمة العار، فهي ليست مجرد مطالبة، وفق برنامج ينتهج السلم أساساً لهذه المطالبة، بل حمْلٌ للرؤوس على الأكف، وتقديمها قرابين على مذابح العنف الأهوج، بلا هوادة، ولا تزال دماء المسلمين تقطر منهم إلى الساعة.
وحينما التقى فريقُ علي بن أبي طالب، و فريق معاوية -رضي الله عنهما- يوم (صفين)، واتفقوا على التحكيم، في شهر رمضان عام (37هـ)، أنكر بعض من كان في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمر التحكيم، وبالغوا في الإنكار، وقالوا له: حكّمتَ الرجالَ في كتاب الله؛ لا حُكْمَ إلا لله، ثم صرّحوا بكفره(4).
فهؤلاء المذكورون قد خرجوا على عليّ بن أبي طالب، وهو إمامٌ قد بايعه أهل الحل والعقد، وكفّروه، بل بلغ الأمر بهم إلى تكفير عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأصحاب الجمل، ومعاوية، وأصحابه، وكل من رضي بالتحكيم؛ فكانت هذه (العناصر الغاضبة) هي أول من أظهر في الأُمّة: التكفير بغير حقّ، حتى غدا شعاراً لهم، وسِمةً، ودثاراً، عُرفوا به على مرّ العصور الإسلامية.
ثم إن تلك العناصر الغوغائية، الانفصالية، انحازوا بعد رجوع علي رضي الله عنه، من (صفّين)، إلى منطقة في العراق يقال لها: (حروراء)، وتجمعوا هنالك، وكانوا نحو (12،000) على ما قيل، ولم يكن الخيار العسكري، لعليّ رضي الله عنه- رغم كل ما حدث-: هو الحلّ الأوحد لإرجاعهم إلى صوابهم ورُشدهم، فسعى لإقناعهم عن طريق المناظرة، وإقامة الحجة، وقطْع الأعذار؛ فأرسل إليهم ابن عباس رضي الله عنه، فبلجهم، وأفحمهم، حتى رجع نصفهم، وأغار من بقي منهم على ماشية الناس، واستحلوا دماءهم، وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرتّ، ثم دخلوا منـزله، وقتلوا ولده، وجاريته: أم ولده، ثم عسكروا بالنهروان، فسار إليهم عليٌّ رضي الله عنه، في (4،000)، من أصحابه، فلما قرب منهم أرسل إليهم: أنْ سلِّموا قاتل عبد الله بن خبّاب، فأرسلوا إليه: إنّا كلنا قَتَلَه، فقاتلهم عليٌّ رضي الله عنه، وقتلهم جميعاً، ولم يفلت منهم إلا تسعة(5).
و هنا وقفة مع قول باطل يروّجه المستشرقون والمتأثرون بهم، وهو: أن (الخوارج) كانوا يمثّلون (الجناح الديمقراطي في الإسلام)(6)، باعتبار أنهم يرون الخلافة من حقّ كل مسلمٍ، ما دام كفؤاً لذلك! وهذا في الحقيقة: استجهالٌ للتاريخ، وتجاوز للأحداث؛ لأن الديمقراطية على عُجرها وبُجرها، ترفض مبدأ الاستبداد، وحتمية فرض الأفكار بالحديد والنار، وليس مجرد مطالبة الخوارج بأحقية الخلافة لكل مسلم، يزيل الصورة البشعة عن انتهاكاتهم، ويمسح عنهم وصمة العار، فهي ليست مجرد مطالبة، وفق برنامج ينتهج السلم أساساً لهذه المطالبة، بل حمْلٌ للرؤوس على الأكف، وتقديمها قرابين على مذابح العنف الأهوج، بلا هوادة، ولا تزال دماء المسلمين تقطر منهم إلى الساعة.
إن عدم انسياق قطاعٌ عريضٌ من الخوارج لترجمان القرآن، وحبر الأمة، يعكس لنا النفسية الجدلية، والشّقاقيّة التي تُميّز طائفة الخوارج، حتى إنهم من إفراطهم فيه؛ ينقلبُ بعضهم على بعض فيما بين عشية وضحاها، ويجمع كل فريق حوله الأنصار والمؤيدين، ويتواجهون بالسلاح، ويكفّر كل فريق منهم مُخالفه، وتذكر كتبُ الملل والنِّحل، أنهم بلغوا عشرين طائفة، أو أكثر، منهم: النجدات، والأزارقة، والصفرات، والبهيسية، والإباضية، والعجاردة، وغيرهم(7).
ولم يقف خطر الخوارج وإجرامهم عند مناجزة أولياء أمور المسلمين بالسيف، بل خططوا لقتل الخليفة الراشد: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، غيلةً، وأوكلوا لعبد الرحمن بن ملجم، القيام بهذا الجرم الوخيم، فاغتالته يد الخيانة والغدر، ولذا: فهم يتولون قاتل عليٍّ رضي الله عنه، ويترضون عنه.
وبعد أن استتب الأمر لمعاوية رضي الله عنه، عام (41)، دخل معهم في سلسلة من الحروب، حتى أضعف شوكتهم، لكنهم استمروا بعد ذلك، في الامتداد وتجميع فلولهم، وتكوين (دويلات)، و(كيانات سياسية)، حتى اشتهرت منهم فرقة (الإباضية)، ولهم إلى الآن انتشار في بعض نواحي الجزيرة العربية، و بلاد إفريقيا.
والاسم الذي اشتهروا به على اختلاف طوائفهم: هو (الخوارج)، ولهم تسميات أخري: كـ(الحرورية)، و (الشُراة)، و (الشّكّاكة).
وكانت الخوارج أول أمرها لم تتجاوز أصولها مسائل معدودات، تتمحور حول تكفير بعض الصحابة، واستحلال الدماء، وتكفير مرتكب الكبيرة، لكن مع الزمن تفرّقت بهم السبل، حتى أصبحوا من الفرق الكلامية، كغيرهم من الطوائف، وأصحاب المقالات(8).
أصبح لهذا الفكر المنحرف مدونات مذهبية، وطروحات عقدية، تتمحور حول قضايا: تكفير المجتمعات الإسلامية؛ حُكاماً ومحكومين، واستحلال دمائهم، واعتبار ديارهم ديار حرب، ورتّبوا على ذلك: وجوب السعي لانتزاع السلطة منهم بقوة السلاح، ومقاتلهم، والاجتهاد لخلعهم، والتصدّي بكل قوة لمن يحول بينهم وبين تحقيق غاياتهم. فهذه (القضية المحورية)، هي (نقطة الارتكاز)، في (دائرة المنهج التكفيري)، وهو بالتحديد ما تبنته (جماعات العنف المعاصرة)، وأكدت عليه في (أدبياتها)، و(فعّلته) في نضالها مع الأنظمة الحاكمة، ومن يستظل بظلها، والذي تحوّل إلى أشبه ما يكون بـ(حرب العصابات)، من كونه مواجهة بين كيانيْن لكل منهما استقلاليته.
والجذور التاريخية لفكر التكفير المعاصر، لا يربطهم بالخوارج الأُوَل من حيث التصورات والمناهج فحسب، بل إن المرء ليكاد أن يجزم بالتطابق، أو على الأقل بالتوافق بينهما من حيث (التركيبة النفسية)، و (طريقة التفكير ونمطيته)، التي أججت فيهم (مشاعر الانتقام العارمة)، و(النظرة السوداوية) لكل من حولهم، وجعلتهم (عناصر تخريب موقوتة)، تنتظر الانفجار في أي لحظة؛ لتخدم هدفاً ضائعاً، وسراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماءً، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
ولسنا في هذه الإلماحة، بحاجة إلى أن نعرّج على الامتداد التاريخي لفئة الخوارج، بأكثر مما هنا؛ لأنه أصبح الآن: معدوداً من مسائل (الثقافة العامة)، فالجميع قد سمع عبر وسائل الإعلام المختلفة، عن (جماعة التكفير والهجرة)، و (الناجون من النار)، و (جماعة المسلمين)، و (التوقف والتبيّن)، و (تنظيم القاعدة)، والتي تلتقي جميعها، وتتفق حول نقطة واحدة، تُعتبر في نظر الدارسين، (اجتراراً) لمنهج الخوارج الأُوَل، وتتصل به اتصالاً وثيقاً، وهي مسائل: (وجوب الخروج عن أئمة المسلمين بالسلاح)، و(نزع اليد من طاعتهم)، و(تكفيرهم)، و(عدم جواز الجهاد معهم)، و(لا الصلاة خلفهم)، و(عدم مشروعية الدعاء لهم)، وقد يتجاوز البعض منهم فيسحبون الحكم بالتكفير على (دور المسلمين) ويجعلونها دور حربٍ، مع استحلالهم لدمائهم، وأموالهم، ونسائهم. فما أشبه الليلة بالبارحة!
وكل ما سبق من عقائد الخوارج الضالين، القدماء منهم والمعاصرين؛ هو خلاف معتقد الطائفة المنصور، والفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة, قال الإمام عبد الله بن المبارك :” ومن قال: الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح: فقد خرج من قول الخوارج، أوله وآخره “(9).
وإنك لتتساءل: كيف انْسَربتْ هذه الجموع إلى نفق التكفير المظلم، وأصبحت وقوداً لهذه الفتنة الكالحة، وبذلت عقولها لعناصر الفتك والتخريب، ولم تختلس ولو ساعة من نهار للإصلاح والتعمير، والارتقاء بالأمة، ولو بكفِّ الشر عنها؛ إسهاماً في استقرارها وطمأنينتها، فمن المؤسف حقاً أن يصبح (التّدين) بالخروج على ولاة الأمور، والتكفير، والتخريب، وسفك الدماء، مسلكاً، ومنهجاً، وولاءً، وبراءً، تُصاغ على أساسه (رسائل )، و(توجيهات)، كفيلة بنـزع أي بادرة رحمة، أو وميض شفقة من القلب، ويوجَّه من خلالها الأغرار، بل الأشرار، إلى ما يستقبحه ويستنكره من له أدنى أدنى نصيب من إنسانية، وعقل، وضمير، ويعده جريمة في حق (الآدمية)، واعتداءً صارخاً عليها، وإرباكاً للمجتمع،
وبلبلة للخواطر، وإشغالاً للمسلمين بأنفسهم، أمام
الأخطار الجارفة التي تتهددهم، وتتربص بهم.
ولسنا في ختام هذه الكلمات ممن يتشاءم ويقول: إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث والفواجع، والمفاجآت، لكن على المرء أن يُعدّ لهذا الأمر أُهبته، ويجتهد في اختراق قلوب هؤلاء الضالين؛ بالتي هي أحسن، وبالإقناع، عن طريق المحاورات الهادفة، والحجج القاطعة، وتخيرّ أنجع الأساليب لذلك، وإنفاذها بالحكمة، ولنتذكر أن بعض من هداه الله تعالى منهم، واستفاد من حملات التنوير، أصبحوا يُرشدون غيرهم، بنفس أنوار الحق التي اهتدوا بها من قبل، ونصيحتنا للشباب أمل الأمة الواعد، أن يستفيدوا من تجارب الآخرين، وينأوا بأنفسهم عن أي داعٍ مشبوه يستغل
ولسنا في ختام هذه الكلمات ممن يتشاءم ويقول: إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث والفواجع، والمفاجآت، لكن على المرء أن يُعدّ لهذا الأمر أُهبته، ويجتهد في اختراق قلوب هؤلاء الضالين؛ بالتي هي أحسن، وبالإقناع، عن طريق المحاورات الهادفة، والحجج القاطعة، وتخيرّ أنجع الأساليب لذلك، وإنفاذها بالحكمة، ولنتذكر أن بعض من هداه الله تعالى منهم، واستفاد من حملات التنوير، أصبحوا يُرشدون غيرهم، بنفس أنوار الحق التي اهتدوا بها من قبل، ونصيحتنا للشباب أمل الأمة الواعد، أن يستفيدوا من تجارب الآخرين، وينأوا بأنفسهم عن أي داعٍ مشبوه يستغل
حماستهم الوثّابة، باسم الجهاد، ودفع الصائل،
لتمرير مخططه التخريبي، عبر جسور تلك الحماسة المتدفقة، وأن يسخروها لتقديم النفع
لأمتهم، ودولهم، وطاعة من ولاه الله أمرهم بالمعروف، والاقتراب من علمائهم، والنهل
من معارفهم، واستشارتهم في المعضلات، فإن لهم فضل السبق والعلم، فهاهنا الطريق
الأقوم، وبه يتحقق النفع الأعظم، والعيش الأكرم، ويتعافى المجتمع، ويقوى، ويتخلّص
من أدوائه، فها قد جاء دوركم شباب العقيدة، فنلحّ عليكم بالطلب، ولتستعينوا برب
العالمين، ولتستهدوا بسنة خاتم المرسلين، وسيرة السلف الصالحين، و خيرة العلماء العاملين.
وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
(1) الصارم المسلول (1/210).
(2) الجواب الصحيح (1/238).
(3) تحقيق ودراسة د. عبد العزيز بن عبد الله الزير، ط أولى، سنة:1425هـ-2004م، وسبق أن طبعت ضمن مجموع عام 1368هـ-1949م، بمطبعة السنة المحمدية بمصر.
(4) انظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي، ص (74-76)، و البداية والنهاية، لابن كثير (10/577)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (13/208).
(5)انظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي، ص (73)، والتبصير في الدين، للإسفراييني، ص (45).
(6) انظر: السيادة العربية، ص (69)، لفان فلوتن، ترجمة: حسن إبراهيم.
(7) انظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي، ص (81)
وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
(1) الصارم المسلول (1/210).
(2) الجواب الصحيح (1/238).
(3) تحقيق ودراسة د. عبد العزيز بن عبد الله الزير، ط أولى، سنة:1425هـ-2004م، وسبق أن طبعت ضمن مجموع عام 1368هـ-1949م، بمطبعة السنة المحمدية بمصر.
(4) انظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي، ص (74-76)، و البداية والنهاية، لابن كثير (10/577)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (13/208).
(5)انظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي، ص (73)، والتبصير في الدين، للإسفراييني، ص (45).
(6) انظر: السيادة العربية، ص (69)، لفان فلوتن، ترجمة: حسن إبراهيم.
(7) انظر: الفرق بين الفرق، للبغدادي، ص (81)

(8) انظر: دراسات في الأهواء والفرق والبدع، ص (181-182)، للدكتور: ناصر العقل،
نشر: دار إشبيليا، الرياض.
(9) شرح السنة، للبربـهاري، ص (85
(9) شرح السنة، للبربـهاري، ص (85
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد
المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
اما
بعد فهذا تلخيص لأهم اسباب ظاهر التكفير ، لخصتها من بحوث متنوعة التي طرحت في
مؤتمر ظاهر التكفير .
ملاحظة:
قد أدمج أسبابا من بحوث متفرقة في عبارة واحدة نظرا لتشابها أو ألحق أسبابا من بحث
تحت سبب من بحث آخر لكونها داخلة فيه.
1-الجهل
بالدين أو سوء الفهم.
ويلحق
بها :
الغلو
في الدين- الجهل بمقاصد الشريعة أو العجز عن إدراكها- سوء الفهم لضوابط
التكفير-القراءة الحرفية الظاهرية للنصوص دون التعمق في مقاصدها وأهدافها— التعالم
وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة –التسور عن درجة الإجتهاد –الغلو
في دعوى الحاكمية-سوء فهم قاعدة الولاء والبراء-الجهل بحقوق المسلمين-الجهل بحقوق
ولاة الامر واحكام الخروج عليهم-الجهل بين الحكم على الذنب وتنفيذ العقوبة على
مرتكبه-سوء الفهم لمسألة التعامل من غير المسلمين-الخط بين الواجب الكفائي والواجب
العيني-الخلط بين الكفر الاكبر والكفر الأصغر
2-تغلب الهوى على الشرع او اتباع الهوى .
ويلحق
به : تقديم الراي على النص - اتباع الأقوال الشاذة.
3-التأويل
الخاطئ للنصوص –(تأويل النصوص بما يخالف فهم السلف)
أ-تاويل
النصوص تاويلا فاسدا ب-عدم الرجوع إلى
فهم السلف
ويلحق
به :الإعتماد على عمومات النص
4-الإبتعاد
عن العلماء الراسخين والطعن فيهم.
أ
-الإبتعاد عن العلماء الراسخين والإستهانة بفتاويهم ب-الإعتماد على صغار طلبة العلم او المغمورين
أو المجاهيل
ويلحق
به : الإقتداء بالمشيخة المنحرفة –خوض الجاهل في العلم الشرعي
5-
الإنغلاق الفكري( الناتج عن التعصب للرأي والنظرية الأحادية والإعتداد بالرصيد
العلمي الشخصي ولو كان ضئيلا).
6-مخالطة
الجماعات والاحزاب المنحرفة وأهل الأهواء والأخذ أوالتلقي عنهم.
7-التسرع
والإندفاع
8-الخلل
في مصادر التلقي :
أ-الجفوة
بين العلماء والشباب ب عدم التلقي عن أهل العلم الإثبات ج-عدم وضوح كثير من
القضايا عند الشباب د-القصور والتبعية في مصادر العلم
ويلحق
به :أخذ العلم من غير اهله -
9-التمركز
حول الذات واقصاء الآخر(عند جماعات التكفير)
10-اعتماد
منطق الثنائية وحصر الخلاف في نطاق ضيق لا
يحتمل أي خيار (عند الجماعات التكفيرية)
**الراي
الشخصي:
بعد
نظر وتفكر برأي الشخصي أن اهم وأشمل ثلاثة أسباب هي
1-الجهل
بالدين أو سوء الفهم
2-اتباع
الهوى
3-
مخالطة الجماعات المنحرفة وأهل الأهواء والأخذ عنهم.
فالشخص
إما ان يكون جاهلا للدين أو مسيئا للفهم فيني حكمه على فهمه الخاطئ رغم صواب نيته
أو يكون متبعا للهوى وهو وإن كان يعلم الحق إلا انه يخالفه لهواه ، والثالث مخالطة
الجماعات المنحرفة ، سوء كنت جاهلا أو عالما فغن كنت جاهلا تعلمت فكرا خاطئا وإن
كنت عالما ف‘نك بلا شك ستتأثر بأفكار هذه الجماعة شيئا فشيا حتى تجد نفسك من تدون
أن تحس تتبنى أفكارهم وتتقبلها.
المصدر:
المجلد
الثالث (وقد تضمن 28 بحثا) من البحوث الذي طرحها العلماء وطلبة العلم في المؤتمر العالمي عن ظاهرة التكفير (ظاهرة
التكفير : الأسباب .. الآثار .. العلاج)
أقامته جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود
العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة ، بالاشتراك مع جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية برعاية من خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز .
والمؤتمر عقد في المدينة النبوية في الفترة من 22 إلى 24 شوال عام 1432
وقد
طبعت البحوث المقبولة في المؤتمر في تسعة مجلدات, ووزعتها الجائزة في المدينة,
ووزعتها أيضا مجموعة في قروص (CD) واحد .
ويمكن
ان تجد هذه الأبحاث في الروابط التالية:
1-موقع
المؤتمر (http://www.ict-madinah.org/)
.
2-ملتقى
أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=270233
![]() |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسوله الأمين و على آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإيمان وإحسان
إلى يوم الدين .أما بعد / إن حلول التكفير ومعالجته تبدأ بإدراكنا لخطورتها
ووقوفنا على أسبابها والتي تكفل لنا تجفيفها والقضاء على هذه الظاهرة الشاذة التي
تتسرب من جديد، و أهم علاجه و أنجعه هو ماقام به سيد البشر- محمد بن عبد الله صلى
الله عليه وسلم-
هو نشر العلم الصحيح الموروث عن الله وعن رسوله - صلى الله
عليه وسلم - في الكتاب والسنة، وفهمهما على هدي وفهم السلف الصالح من أصحاب القرون
المفضلة.
وقد أمر الله تعالى المؤمنين حال تنازعهم بالعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه، ولأن أفهامهم مختلفة أرشدهم إلى سؤال العالمين الذين يستبطونه منهم {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (النساء: 83).
وقد أمر الله تعالى المؤمنين حال تنازعهم بالعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه، ولأن أفهامهم مختلفة أرشدهم إلى سؤال العالمين الذين يستبطونه منهم {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} (النساء: 83).
وأمر الله المؤمنين بسؤال العلماء والصدور عن قولهم، فقال تعالى: {وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (الأنبياء: 7).
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره: "وهذه الآية وإن كان سببها خاصاً بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين من أهل الذكر، وهم: أهل العلم، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها، أن يسأل من يعلمها، ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ... وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهيٌ عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهي له أن يتصدى لذلك .. " (1)
ولله در ابن مسعود فقيه الصحابة إذ يقول: "وستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، عليكم بالعلم، وإياكم والبدع والتعمق، عليكم بالعتيق". (2)
_________
(1) تيسير الكريم الرحمن (5/ 213 - 214).
(2) الاعتصام (2/ 418).
كما ندعو إلى
المزيد من اللجوء إلى الحوار بالتي هي أحسن، واعتماد اللين والحكمة وحسن البيان
طريقاً في معالجة النشوز الفكري للشباب الذي تعاور عليه الجهل والتسرع.
فإن الشبهة والفهم المغلوط إذا غلبا على المؤمن التقي لا علاج لهما إلا بالحجة والدليل والبرهان، إذ بهما تزول الشبهة، وتقام الحجة، فتستبين المحجة، ويظهر الحق لمن أراده فأخطأه.
وعن طريق الحوار استطاع علي رضي الله عنه إضعاف فتنة الخوارج، حين بعث إليهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه، فناظرهم فرجع معه جمع غفير منهم، ليثبت أن الحوار خير وسيلة للقضاء على هذه الفتنة.
فإن الشبهة والفهم المغلوط إذا غلبا على المؤمن التقي لا علاج لهما إلا بالحجة والدليل والبرهان، إذ بهما تزول الشبهة، وتقام الحجة، فتستبين المحجة، ويظهر الحق لمن أراده فأخطأه.
وعن طريق الحوار استطاع علي رضي الله عنه إضعاف فتنة الخوارج، حين بعث إليهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه، فناظرهم فرجع معه جمع غفير منهم، ليثبت أن الحوار خير وسيلة للقضاء على هذه الفتنة.
وهكذا تبين لنا أن التكفير مسألة خطيرة لا يجوز أن يصدر فيه المسلم عن رأي أو هوى، ولا يجوز شهره سيفاً على المخالفين واتخاذه وسيلة للانتقام منهم والتشفي بهم، إذ هو حكم شرعي، بل لعله أخطر الأحكام الشرعية، إذ هو حكم بالردة والخلود في النار على مسلم، كما يستتبع التكفير عدداً من الأحكام الدنيوية كمنع التوارث والتفريق بين الزوجين، وأهم من ذلك استباحة الدماء والأعراض.
لذا تكاثرت النصوص الشرعية تحذر المسلمين من الوقوع في ظلامته، ومن بعدها أطبق علماء الإسلام على أبلغ التحذير من هذه القاصمة، وبينوا أسبابها، وحذروا من دركاتها.
لقد أبانوا بما آتاهم الله من نور العلم والفقه في الدين الموانع التي تدفع عن المسلم معرة التكفير، إذ الأصل فيه الإسلام، وقد ثبت له بيقين، فلا يرفع إلا بمثله، ولا اعتبار للحدس والتخمين في هذا الباب، فقد أمرنا الله بتصديق المسلم وقبول علانيته، دون التقحم في السرائر التي لا يطلع عليها إلا الله، ولا يحكم عليها إلا هو.
المبحث
الرابع : موقفي في هذه القضية
موقفي في هذه القضية :
أيها الإخوة الكرام ، كما تعلمون بأن التكفير أمر عظيم ومن
هذا المنطلق، علينا أن نحافظ ألسنتا من مثل هذه الكلمات الشنيعة التي لا تحمل
للأمة الإسلامية إلا الإنفكاك الترابطي اجتماعيا واعتقاديا وفكريا ومن الوجوب
علينا أن نسعى إلى حلول الظاهرة التكيفيرة، فهذا من سنة الله الكونية حيثما توجد
المشاكل وفي ناحية توجد لعلاجعها الحلول والمقترحات للتجنب عنها ومن أهم الحلول
كما ظهر لنا فيما سبق، وهو نشر العلم
الصحيح، وفهمه كما فهمه الصحابة ومن بعدهم من تابعين وأتباع التاعين- رضي الله
عنهم أجمعين- وكذلك الحوار كما ظهر لنا من خلال ما سبق حيث حاور الصحابة رضوان
الله تعالى أجمعين
لأن الحوار خير وسيلة لإخماد الفتنة بين الأمة .( وبالله
التوفيق)
ملاحظة ( هناك مقترحات وحلول الأخرى في التعليق الثاني )
توثيق المصادر والمراجع
التكفير وضوابطه المؤلف منقذ بن محمود السقار الناشر رابطة
العالم الإسلامي من ص 110 – 120
ضوابط التكفير المعين المؤلف : عبدالله بن عبد العزيز
الجبرين من ص(11 - 26)
الموضوع : علاج ظاهرة التكفير
ككثير من
الظواهر الفكرية والاجتماعية المرضية, فإن التكفير في الدين يحتاج إلى علاج ناجع,
وذلك حماية للدين والمجتمع والأفراد في عقائدهم وأمنهم الفكري والاجتماعي ونظرة
فاحصة في مظاهر هذه الظاهرة الخطيرة تجعلنا نتصور حجم الكارثة التي يمكن أن تنجم
عليها لو تركت من غير علاج, خاصة في عصر تدفق المعلومات بهذا الكم الهائل من غير
قدرة على السيطرة التامة عليه.
وورقة كهذه
لا يمكن أن تعالج هذه الظاهرة, بل أمر العلاج موكول إلى مؤسسات ولجان متفرغة
لمواجهة التكفير في جميع أشكاله, ولكن لا بأس بالمشاركة ببعض الأفكار التي من
شأنها أن تساعد في هذه المهمة الجسيمة.
أولاً: سد الخلل العلمي عن طريق
العناصر الآتية :
1-
ضبط منهج الاستدلال, وأهمه اعتماد نصوص الوحي في الاستدلال .
وفق
فهم السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان, كالأئمة المتبوعين وغيرهم ممن لهم قدم صدق في
الدين والعلم.
2- تصحيح المنهج
العقدي وفق المنهج السابق, ومنه: العلم بالتوحيد الصحيح، وبحقيقة الإيمان الشرعي,
وتعظيم السنة ورواتها من الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
ثانيًا: تصور لمنهج عملي
للإصلاح :
1-
استقلال الهيئات الشرعية الموثوقة, وعملها وفق الضوابط الشرعية, بعيدًا عن الضغوط
أيًّا كان نوعها.
2-
النظر في جميع القضايا الشرعية: المنهجية, والعقدية, والعلمية وإخضاعها لمنهج
الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح.
3-
مشاركة الشعوب الإسلامية في جميع قضاياهم, ونصرتهم أينما وجدوا.
4-
الاحتكاك بالناس, وخاصة الشباب, واحتضانهم, بدل الإعلام المشوه للحقائق, أو
الأفكار المنحرفة الضالة.
5-
تعظيم قدر العلماء ومعرفة حقوقهم, والتلقي عنهم.
بهذه
المشاركة لا يبقى المجال مفتوحًا أمام أدعياء العلم والوصاية على الأمة، سواء من
جماعات أو مذاهب معينة أو أشخاص,
يتصرفون بفردية لا تقدر عواقب الأمور.
ثالثًا: اعتماد الحوار البناء
في معالجة القضايا التكفيرية :
الحوار منهج
قديم سلكه الصحابة في معالجة ظاهرة الخوارج, فقد حاورهم ابن عباس رضي الله عنهما,
فرجع منهم أعداد هائلة.
أما
الأساليب الأخرى المستفزة؛ كالأساليب الأمنية, أو العلمانية, أو الإعلامية وما
شابهها, فهي لا تزيد المشاكل إلا استفحالاً، والمرض إلا استعصاءً. هذا وصلى الله
وسلم على نبينا محمد.
توثيق المصدر :
دراسة ظاهرة
الغلو في الدين ، المؤلف ، د أحمد بن
عثمان المزيد ، بحث مقدم للمؤتمر الدولي التاسع للفلسفة الإسلاميةبجامعة القاهرة
2004م من ص 29 – 34
و إضافة
فيما سبق، مسؤولية بعض مؤسسات المجتمع في علاج ظاهرة التكفير :
أولا : مسؤولية المؤسسات
التعليمية في علاج ظاهرة التكفير.
المؤسسات
التعليمية لها أثر فعال في حياة الطلبة حيث تغرس في نفوس التلاميذ الشعور
بالمسؤولية والترفع عن الرذائل والابتعاد عن العنف والكراهية ومن هذا المنطلق دور
المؤسسات التعليمية في علاج ظاهرة التكفير دور فعّال، يجب أن تنهض به هذه المؤسسات
لإنقاذ شبابنا وشيوخنا من هذه الظاهرة، التي تعكس صورة سيئة عن الإسلام، ومن
الواجب على المؤسسات التعليمية لها أهداف معينة لتخريج الشخصية المسلمة العلمية
وذلك بالعناصر التالية:
الإيمان
الصادق، مثل إيمان السلف الصالح.
1.
العلم النافع الذي لا يتعارض مع روح الإسلام وجوهره.
2.
العمل الصالح فلا فائدة في العلم بلا عمل.
3.
الأخلاق الكريمة والفضائل تعد نتيجة التربية والإيمان الصادقين
4.
تنشئة الثقة والتوكل في نفوس الطلبة
5.
الحب في الله
6.
حسن الظن بالمسلمين، ولاسيما في جانب الدين، لأنه قد يؤدي إلى تكفيره أو
تبدبعه أو تفسيقه بلا دليل.قوله تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله
والمؤمنون، وقوله صلى الله عليه وسلم إياكم والظن، فإنه أكذب الحديث.
ثانيا
: مسؤولية المؤوسسات المشرفة على الدعوة والإرشاد في علاج ظاهرة التكفير
7. تكثيف وتكثير
الدورات التكوينية التطبيقية للدعاة في منهجية الدعوة وذلك بالتركيز كيف يخاطب
الناس، وبأي أسلوب يواجههم؟ فإن لكل مقام مقال.
8. الإشراف المباشر
على الدعاة دوريا على الأقل والسعي في تقويم زلاتهم
9. توفير الجو
المناسب للدعاة مع مراعاة الدعم المالي
10.
اختيار العناصر المتميزة علما وتديناوخلقا
ثالثا:
مسؤولية المؤسسات الإعلامية
1. عرض لقاءات علمية حوارية بين العلماء
المشهود لهم بالعلم
2. الإكثار من عرض البرامج التي تغرس بين
الشباب علو الهمة
3. عرض النماذج من حياة النبي صلى الله
عليه وسلم و أصحابه
4. عرض
لقاءات علمية ومسابقات ثقافية بين المدراس
والجامعات
عرض
برامج حول مركزية الإنسان في تنظيم سيرالحياة
وموقفي في هذا المطاف
، حيث لو لاحظنا في حياة الأمة الإسلامية مثل التكفير وغيره من المشكال المعضلة
نقدر أن نحلها بالطرق السابقة وبالله
التوفيق
توثيق المصدر:
مسؤولية بعض مؤسسات
المجتمع في علاج ظاهرة التكفير
المؤلف، د. محمد حمد
كنان ميغا، أستاذ الفقه والأصول ومقاصد الشريعة في الجامعة الإسلامية بالنيجر
المؤلف
: إنعام الحق عبد المنان
الطالب
: بجامعة قطر الدوحة